النساء صاحبات عفو ولين

نعم النساء هن صاحبات العفو واللين، هن اللواتي تحت أرجلهن الجنان وتتحلق فوق هالاتهن العنان. هن ملجأ كل طفل مكسور خاطره وكل شيخ مفقود أماله. هن اللواتي يتحملن بطش الرجال وغرورهم، ثم ينشأن الأجيال من بعدهم، وذلك بأن حواء هي الروح وادم هو الجسد.

أيا أيها الرجال–يا ناقصي العفو واللين، ماذا جنيتم لنا بالتعصب والعناد؟ ماذا احرزتم لأبناء العرب من البخل والفساد؟ ما اللذي أودا بكم إلى القمع والقسوة والإستعباد؟ — إلى حروب أهلية، طائفية، وحشية؟ يا آدم، ضللت فأضللت ونقضت الميثاق، فيا حواء إنهضي وطهري الأجداد.

إن كانت الديمقراطية حلماً خافياً في الأمس، فهي الآن حقيقة دهست تحت أرجل رجال ليس لهم أي فكرة عن الرأفة والرحمة المكتوبتان على أتباع المسيحية والإسلام معاً. في بلاد مثل تونس والعراق والسودان تحتل المرأة حوالي ٢٠٪ من مقاعد البرلمان، إلا أن سياسات تلك البلاد لا تخدم المرأة على نحو يعكس تمثيلهن في الحكومة، وإن كن قلة.

لم أعجب كثيراً عندما رأيت العربيات اللواتي كن تسب النسائية الشهيرة نوال السعداوي بالأمس يراجعن التفكير فيها بعد قيام العديد من الانتفاضات في العالم العربي. ذالك بأن العادات والتقاليد السائدة في المجتمعات النامية–بما فيها العالم العربي للأسف–مبنية على الأسس الذكوري من العصور الوسطى. عندما كانت المرأة أمية، غير متعلمة ومعتمدة كل الإعتماد على نزوات بعلها، كانت أيضاً سلعة تستهلك وخادمة تخمد وكان الرجل سيدها و”تاج رأسها.” التقليل من شأن المرأة هو جزء لا يتجزأ من ثقافتنا، واللذي أوصلنا إلى جمعية دستورية لا (تريد أن) تعرف المرأة في الساحة المصرية (بالاضافة إلى مشكلتها الشهيرة بالتحرش الجنسي) والإغتصاب على نحو طائفي في الحرب الأهلية السورية على سبيل المثال. والمؤسف أيضاً أن تبحث المرأة العربية عن الخلاص من أزمتها بالاستماع إلى المتشيخين ورجال الدين–اللذين يستنبطون ضلالهم من العصور الوسطى وفي تقدير الكاتب علاء الأسواني، يتاجرون بالدين ويستفيدون من جهل الشعب!

المرأة هي مخلصة نفسها دون الرجال–لا في الدار فحسب بل أمام الجمهور. الحقوق لا تعطى، بل تأخذ عنوة. نحن مدينون للمعتصمات والشهيدات في شوارع القاهرة وتونس وغزة–فصراعهن صراعان.

والآن عندما يبحث التكنوراط عن سياسات ترضي الاسلاميين والقوميين معاً، أين سياسة الرأفة والرحمة في حساباتهم؟ أين سياسة التعاون والتسامح؟ تلك سمات المرأة وليس الرجل. في الوقت الراهن يتساءل العرب عن مخرج من سياسة الثأر والإنتقام. ولذا فنحن بأشد الحاجة إلى قيادة المرأة في العالم العربي. هذا يفسر إلى حد كبير المأزق السياسي والعسكري فيما يتعلق بتقديم مبادئ الديموقراطية إلى العالم العربي. هذا ليس خطاباً نظرياً. كل من خاض في التفكير السياسي الديني التنويري كان ناشطاً لحقوق المرأة. ولكني لا أدعو إلى حقوقهن فحسب، بل أدعو أخواتي الى إمساك زمام القيادة والزعامة قبل فوات الأوان. أنا على ثقة بأن قيادة المرأة تعني بداية التصالح وحماية الاقليات–على الأقل.

أتمنى–والأمل يتلاشى–أن تكون ٢٠١٣ عام تزرع المرأة فيه بذور العفو واللين.

One thought on “النساء صاحبات عفو ولين

Leave a comment